اسلاميات

توزيع الأضحية حسب الشرع دليل شامل لفهم الأصول والآداب الشرعية لتحقيق المنافع الروحية والمجتمعية

تُعَدُّ الأضحية واحدة من الشعائر الإسلامية العظيمة التي يحصل بها المسلم على الأجر والثواب في الدنيا والآخرة،وقد أوجب الله عز وجل على المسلمين القادرين من خلال القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة أهمية التضحية في أيام عيد الأضحى،حيث تتبنى الأمة الإسلامية مجموعة من المبادئ والأحكام الشرعية تتعلق بكيفية توزيع الأضحية بشكل يحقق العدالة الاجتماعية ويعزز قيم الرحمة والمشاركة،سنتناول في هذا المقال الأبعاد المختلفة لتوزيع الأضحية وفقًا للشرع وما ورد في تعاليم الأئمة الأربعة حول هذه القضية.

توزيع الأضحية حسب الشرع

تتعدد الآراء الفقهية حول طريقة توزيع الأضحية بين الأئمة الأربعة، حيث تقدم كل مدرسة فقهية تفسيرًا خاصًا بناءً على الأحاديث النبوية،ويعكس ذلك تنوع وتطور الفهم الديني في المجتمعات الإسلامية،بشكل عام، يمكن تلخيص تلك الآراء فيما يلي

1- قول الشافعية

يؤكد الشافعية على أهمية إطعام الفقراء والمحتاجين بأن يكون النصيب الأكبر من الأضحية مخصصًا لهم، بينما يحتفظ المضحي بجزء صغير لنفسه من الأضحية،وهذا المنظور ينطلق من الفهم الأساسي للأضحية كوسيلة لتخفيف معاناة الفقراء وتحقيق التراحم الاجتماعي.

2- قول الحنابلة والحنفيّة

يفسر الحنابلة والحنفية توزيع الأضحية إلى ثلاثة أثلاث، بحيث يخصص ثلث للفقراء والمحتاجين، ويأخذ المضحي ثلثًا، ويقوم بتوزيع الثلث الأخير على الأقارب والأصدقاء،هذه الطريقة تعكس مفهوم التعاون المجتمعي وتعزيز العلاقات الاجتماعية.

3- قول المالكية

يرى المالكية أنه ليس ثمة إلزام لتقسيم الأضحية إلى أجزاء معينة، بل يُتاح للمضحي حرية التصرف في توزيع الأضحية، سواءً على الفقراء أو للاحتفاظ بها لنفسه،يعبر هذا الرأي عن البعد الشخصي في نظم التضحية حيث يتم تشجيع الناس على اتخاذ القرارات التي تناسب ظروفهم.

 

شروط توزيع الأضحية

توجد مجموعة من الشروط التي ينبغي على المضحي التقيد بها حتى يتمكن من تنفيذ الأضحية وفقاً لما ورد في الشريعة الإسلامية بشكل صحيح، وتساعد في تحقيق الغاية المرجوة من الأضحية،ومن أبرز هذه الشروط

  • من الضروري أن يكون المضحي مسلماً بالغاً عاقلاً.
  • يجب أن يكون الحيوان المخصص للأضحية خالياً من العيوب التي تفسد صحة التضحية.
  • يتعين إخلاص النية قبل القيام بالتضحية، والالتزام بكافة الأحكام الشرعية مثل استقبال القبلة واستخدام الأدوات المناسبة للذبح.

السنن المتبعة في توزيع الأضحية

تتضمن عملية توزيع الأضحية مجموعة من السنن التي يُستحب اتباعها، وتُعد من الأمور التي كان النبي محمد صلى الله عليه وسلم يحرص عليها كلما قرب عيد الأضحى،ومن بين هذه السنن

  • يفضل أن يقوم المضحي بنفسه بتوزيع الأضحية مباشرةً على الفقراء والمحتاجين.
  • ينصح بتقطيع الأضحية إلى قطع صغيرة لتسهيل توزيعها وقطاعتها للمستحقين.
  • من الجيد توزيع الأضحية إلى أجزاء متساوية بحيث يتواجد جزء للمضحي وجزء للفقراء والمحتاجين وجزء آخر للأصدقاء والأقارب.

 

الفئات المستحقة للأضحية

توزيع الأضحية يجب أن يتضمن مراعاة فئات معينة من الناس، التي تعتبر الأكثر حاجة، ويمكن تلخيص هذه الفئات في الآتي

  • الأقارب والأصدقاء.
  • المعارف والجيران.
  • الفقراء والمساكين وكل محتاج.
  • الجمعيات والمؤسسات الخيرية التي تعمل على تقديم العون للفئات المحتاجة.

رأي الأئمة في التصدق من الأضحية

تنقسم آراء الأئمة الأربعة حول حكم التصدق من الأضحية إلى رأيين رئيسيين يمكن تبسيطهم على النحو التالي

1- قول الشافعية والحنابلة

جاء رأي الشافعية والحنابلة بشأن وجوب التصدق من الأضحية بناءً على مفهوم أن الأضحية أساسًا تُعنى بإطعام الفقراء،وهنا يعتبر عدم التصدق بها تدخلاً في المعنى الشرعي للأضحية.

استندوا في ذلك على ما جاء في القرآن الكريم فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ.

2- قول المالكية والحنفيَة

أما الحنفيّة والمالكية، فقد أشاروا إلى استحباب التصدق من الأضحية إلا أنه ليس شرطًا أساسياً، حيث يمكن للمضحي أن يحتفظ بجزء منها لنفسه، فالأضحية تُعتبر قربانًا لله تشكراً على نعمه.

 

حكم أكل الأضحية الواجبة وغير الواجبة

يتمثل حكم أكل الأضحية في حالتين مختلفتين هما الواجبة وغير الواجبة، وذلك وفقًا لتفسير الأئمة الأربعة

أولًا حكم أكل الأضحية الغير الواجبة

  • تتفق آراء العلماء على استحباب أكل الأضحية الغير الواجبة، حيث يتم ذبحها بشكل تطوعي لإطعام الفقراء أو لأغراض أخرى.
  • استندوا إلى قوله تعالى فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ.
  • وما ورد عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم “إذا ضَحَّى أحدُكم فلْيَأْكُلْ من أُضْحِيَتِهِ”.

ثانيُا حكم الأكل من الأضحية الواجبة

تَعتبر الأضحية الواجبة تلك التي يتم الذبح فيها بناءً على نذر أو التزام ديني، وقد أشار العلماء إلى اختلاف في حكم الأكل منها.

1- قول الحنابلة والشافعية

يرى كل من الحنابلة والشافعية أنه لا يمكن للمضحي الأكل من الأضحية الواجبة لأنه يُعتبر التزامًا واجبًا عليه، وقد يحرم عليه تناولها.

2- قول الحنفيّة

يفيد الحنفيّة بجواز الأكل من الأضحية الواجبة فقط إذا كان المضحي من الأغنياء، شريطة أن تكون الغاية من النذر واضحة.

3- قول المالكية

أما المالكية فقد تبرر لجواز أكل المضحي من الأضحية الواجبة، مع إمكانية تقديم جزء منها للمساكين، استنادًا إلى مبادئ العطاء والتكافل الاجتماعي.

في ختام هذا المقال، نجد أن عملية توزيع الأضحية تحمل عبرها الكثير من القيم الإنسانية والاجتماعية، وهي تلقي الضوء على أهمية التكافل والتعاون بين الأفراد في المجتمع،حيث جاء الإسلام بتفصيل كل الأحكام المتعلقة بالأضحية بما يتناسب مع مصلحة المجتمع ككل ويعزز روح المشاركة بين الأفراد.

أسئلة شائعة

ما هي الأضحية الأضحية هي الحيوان الذي يُذبح تقرباً إلى الله تعالى في عيد الأضحى، وتُوزع لحومه على الفقراء والمحتاجين وأقارب المضحي،

ما هو حكم الأضحية الأضحية سنة مؤكدة عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم كنوع من العبادة والطاعة لمن يستطيع ذلك.

هل يجب التقسيم عند توزيع الأضحية لا يوجب الشرع التقسيم إلى أجزاء معينة، فتوزيع الأضحية يتم بناءً على الفهم الشخصي والرغبة في تلبية احتياجات المحتاجين.

ما هي الفئات الأكثر استحقاقًا للأضحية الفئات التي يجب مراعاتها تشمل الفقراء والمحتاجين، الأقارب، والجمعيات الخيرية.

هل يجوز الأكل من الأضحية يجوز الأكل من الأضحية المباحة، بينما الأضحية الواجبة قد تكون محاطة بشروط تحكم أكلها وفق ما تحدده المذاهب.